كتب شون ماثيوز في موقع ميدل إيست آي أنّ صورة الرئيس الإماراتي محمد بن زايد وهو يعانق أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني عقب الضربة الإسرائيلية في الدوحة تختصر دلالات تجاوز إسرائيل للخطوط الحمراء. فقد بادر بن زايد إلى زيارة الدوحة في موقف رمزي لافت، خصوصاً أنّ أبوظبي والدوحة ظلتا على خلاف طويل رغم المصالحة الرسمية. ويصف مسؤول أمريكي سابق في الاستخبارات ردّة فعل بن زايد بأنّها مزيج من الإعجاب بجرأة إسرائيل وخوف من تداعيات هذه المغامرة.

ذكرت ميدل إيست آي أنّ هجوم إسرائيل على قطر عكس تصعيداً غير مسبوق في المنطقة أربك الأنظمة الملكية الخليجية المرتبطة بالولايات المتحدة، والتي تعمل واشنطن على ربطها بإسرائيل. وزاد الغضب الشعبي في العالمين العربي والإسلامي مع استمرار المجازر في غزة، حيث تجاوز عدد الشهداء 64 ألفاً. كما أبدت إسرائيل نية لضم الضفة الغربية المحتلة، بينما صعّدت عملياتها في لبنان وسوريا وإيران بلا رادع.

أوضحت الصحيفة أنّ المواقف الخليجية ليست موحدة؛ ففي سوريا مثلاً تتقارب السعودية وقطر وتركيا، فيما تواصل الإمارات التعامل بحذر مع حكومة الرئيس أحمد الشرع. ومع اقتراب المجازر في غزة من عامها الثاني، تزايدت الضغوط على العلاقات العربية مع إسرائيل. فقد أوقفت مصر التعاون الأمني معها، بينما عارضت السعودية بقوة أي اتفاق دبلوماسي مع إسرائيل لا يفضي إلى دولة فلسطينية، وأعلن ولي العهد محمد بن سلمان رفضه الصريح للجرائم في غزة.

أما الإمارات، التي شكّلت الركيزة الأساسية لاتفاقيات أبراهام، فبدأت تشهد بدورها علامات توتر. ففي الأسبوع الماضي ألغت مشاركات إسرائيلية في معرض دبي للطيران، وقبلها حذّرت أبوظبي من تجاوز "الخط الأحمر" عبر ضم الضفة الغربية. هذا التحذير اكتسب أهمية لأنّ الأساس المعلن للاتفاقيات عام 2020 كان منع الضم. غير أنّ تصريحات لاحقة من يوسف العتيبة، سفير الإمارات في واشنطن، أكدت أنّ قدرة بلاده على الضغط في هذا الملف محدودة زمنياً.

ينقل الموقع عن الباحث حسين إيبش أنّ السياسة الخارجية الإماراتية تُدار أساساً من أبوظبي، مع مشاورات من دبي والشارقة، لكن في قضايا حساسة مثل العلاقة مع إسرائيل يظهر نوع من التباين. فدبي أكثر حماساً للشراكة الاقتصادية والتكنولوجية، بينما تبدي الشارقة ورأس الخيمة حذراً أكبر.

كما يشير المحلل فراس مقصَد من مجموعة أوراسيا إلى أنّ الإمارات دفعت ثمناً سياسياً عبر الاصطفاف مع إسرائيل بعد هجوم 7 أكتوبر 2023، وانتقدت حماس بشكل علني، لكنها لم تجنِ مكاسب ملموسة. ويرى أنّ جوهر اتفاقيات أبراهام بالنسبة للإمارات هو منع الضم، ما يجعل التحذيرات الأخيرة بمثابة اختبار حقيقي.

تضيف الصحيفة أنّ أبوظبي تحاول الفصل بين ملف غزة وملف الضفة، فهي تعتبر حماس خطراً لكنها لا تثق أيضاً بفتح، وتفضّل التعامل مع محمد دحلان كخيار بديل. وتؤكد مصادر أنّ الإمارات لا تنوي قطع العلاقات مع إسرائيل بشكل جذري، لكنها في الوقت ذاته تتهيأ للعب دور "المُعطِّل" داخل الإجماع العربي، وهو ما يتيح للولايات المتحدة وإسرائيل الاستفادة من موقعها.

وفي قضايا أخرى مثل القرن الأفريقي، تواصل الإمارات الاصطفاف مع إسرائيل، إذ أشارت تقارير إلى ضغوطها على أرض الصومال لاستيعاب لاجئين فلسطينيين مقابل اعتراف أمريكي. ويرى محللون أنّ الخلافات داخل الإمارات حول هذه الملفات قد تكون أعمق حتى من الخلاف حول العلاقة مع إسرائيل، لكن لا أحد في مؤسسة الحكم يعارض الاتفاقيات بشكل استراتيجي.

بذلك، يخلص التقرير إلى أنّ العلاقة الإماراتية الإسرائيلية لا تزال قائمة على أسس اقتصادية وأمنية متينة، لكن تصرفات إسرائيل الأخيرة تثير قلقاً متزايداً في أبوظبي. وتبقى الإمارات اختباراً رئيسياً لمدى قدرة إسرائيل على المضي في سياساتها دون أن تخسر أقرب شركائها العرب.

 

https://www.middleeasteye.net/news/what-are-the-limits-of-uae-israel-partnership